سألني وهو يقدح من عينه شررا ولظاء وأوداجه منفوخة كالكير: هل تزعم إن فساد الله يحاصرك يا ملعون الله؟! أنصار الله العصمة أب عن جد .. أنصار الله الحق .. في حرب الله ملعونا من يسأل .. أنصار الله في الجبهات تقاتل فلماذا يا عدو الله تطعنهم في الظهر!
هل أنت بخيتي أو مشروعا منه؟! لازلت تشاكس .. لازلت تعاند!! إن العَنَتَ في وجه الله جحداً وشتيمة .. من يتمرد عنّا نحن الأنصار يأوي في حفره ومثواه النار.
هل لازلت تحمل رايات حمر في عهد الله؟! الدار دار الإسلام .. دار طارد للكفر ولكل أنواع الخبث .. دار لا يقبل فيها علماني يتيهود في الميدان .. يعتصم أو يتظاهر أو يحتج، ويسارك يأفل يا هذا الإفك الفاسد ويا كل البهتان.
هل لا زلت تحب وتموت في الحب؟ هل لازلت تدعو للفسق والعري؟ هل لازلت تسمع “فيروزاً” وهي تغنِّي وقت صلاة الفجر؟ هل لازلت لا تقفل تلفازك وقت أذان المغرب والعصر؟ هل لا زال الرقص لديك يهز نياط القلب؟ هل لا زال الشيطان يوقعك في سرداب الحب!!! في هذا الفعل يا هذا العاصي ألف كفر ورذيلة .. في هذا الفعل كل معاصي الدنيا .. إن الفن ملهاة تلهيك عنَّا نحن الأنصار، وتصدّك عن ذكر الله .. الحب جريمة يا هذا الفاضح .. يا هذا الماجن .. يا خادش الحياء العام .. يا هذا الشيطان الوغد.
فأجبت: يا هذا .. لو كان نصرك ميمونا وبعرض السموات والأرض، ففساد عام في الحرب يكفي ليبتلع نصر أكبر من حجم الكون .. نصرك عصف مأكول .. تأكله الأرضة والدود، لا نحن.
قاطعني: هل أنت مخموراً يا أبن الويل؟!!
واصلت كلامي: لا زلت أحبُ يا كل الكُره، و أغوص في أعماق الحب عشقا وأذوب عبادة، فيما الحب لديكم طاعونا باذخ بالموت .. جدري يشوه وجه الله .. الموت لديكم مشروع شهادة .. الموت لديكم عنواناً وشعاراً ومشروع إبادة .. أنا حر مهوسا بالحرية .. مسكونا بحبيبة تساوي الكون .. إن الحق في وجه الطغيان إله أعشقه والخمر في ملكوت الله عبادة.
قال آمرهم: أجلدوه بسوط من نار ليتأدب .. أجلدوه بعدد أيام عمر الإسلام سراً وعلانية .. ارموه في قاع البير العطشى ليريه الله الحق .. زيدوه جرعة من جوع، وجرعة من ويل .. اصلموا أذنيه .. أجذعوا أنفه.. أسملوا عيناه حتى يعود إليكم وقد آمن بالرب..
و بعد عام سألوني: هل أسلمت وهل بايعت؟ هل ترفع رايتنا الخضراء وتصير قطيعا من جيز القطعان تأكل تشرب، وتدعوا لولي نعمتا بالخير وبالسؤدد .. نحن البأس ونحن القوة ونحن الحشد، نحن جمع لا يُغلب .. نحن الله ونحن الرب..
قلت: لا زلت أحب، ولازلت أغنِّي وقد بلغ العشق حد جنون .. يا عشاق الموت لازلت أحب وأموت في الحب .. ولازال فساد الأنصار يحتد، ويزيد في اليوم الضعف .. لا زال يعيث ويلوث في الأرض .. لا زال يلوِّث وجه الدنيا ونسمات البحر..
قال الآمر: يدان لا تحمل رايتنا تُقطع .. قطعوا اليدين من العضد ليكون للداخل عبرة وللخارج فتح وشهادة إن الله حق.
قال الجنرال الأكبر: اقطعوا صوته .. اقلعوا لسان السم القاطع .. اقطعوا قدماه .. أقدام لا تخطوا معنا تجتث من الورك .. احفروا حفرة واردموا هذا الجيفة.
أجبت: حكمك بقتلي لا يهز فيني شعرة .. قتلوا الحلاج وما أهتز له رمش ولا استجدا حيلة .. عاش القاتل قبحاً وغادر جيفة .. نحن المسك ونحن العطر وفي التاريخ شهادة .. كل محاكم التفتيش رحلت جيفة، وما كان يا هذا الظالم فساد الأرض يوما مسكا أو عطر .. الفساد نتانة .. الفساد عطن وعفونة .. الفساد جيفة هذا العصر .. نحن العطر ونحن المسك ونحن الفكر الحر.